فنان عصامي مجتهد، أمتع عشاق الطرب في البحرين والخليج بروائع الألحان، مستخدما أعذب الكلمات والقصائد.. أخلص لفنه وأعطاه كل وقته وطاقته، فبرز نجما تهفو القلوب إلى سماع صوته الشجي المتميز بالرقة، وتحيطه بالحب والوفاء، عرف الغربة واليتم والفقر مبكرا فما زاده ذلك إلا قوة وصلابة في مواجهة عاديات الزمن، انتشل مع أقرانه الأغنية البحرينية من التقليدية والرتم المتكرر الممل إلى آفاق الحداثة، فاستحق أن يُكرم، أنهكته السنون والأمراض فغاب عن الساحة الفنية، لكن عشاقه ما برحوا يسألون عنه ويدعون له بالشفاء.
هذه باختصار العناوين الرئيسية لمسيرة واحد من أعمدة الغناء الحديث في البحرين، ألا وهو الفنان الإنسان محمد علي عبدالله الذي يعاني اليوم من تفاقم متاعبه الصحية التي بدأت عام 2002 بتصلب في شرايين القلب ثم جلطة في الدماغ، فشلل في الجزء الأيسر من الجسم. وعلى الرغم من تكفل الدولة بعلاجه على نفقتها في ألمانيا وجمهورية التشيك ومصر والأردن والهند وتايلاند، إلا أن حالة فناننا غير مستقرة وتزداد سوءا، ولا يخفف آلامه سوى محبة الناس له وتواصلهم معه، إضافة إلى وقوف زوجته ورفيقة دربه ابنة خالته السيدة عائشة بصبر وإيمان وإخلاص إلى جانبه، كعادتها في دعمه في كل منعطفات حياتهما منذ أن تزوجا في 17 يناير 1971.
الكثيرون كتبوا المقالات عن فناننا القدير أو أجروا الأحاديث المصورة معه في سنوات مجده وصعوده، غير أن الصديق الأستاذ يوسف محمد هو أول من أعد كتابا مصورا شاملا عن حياته ومسيرته ورحلاته العلاجية ومجمل أعماله الطربية تحت عنوان موفق هو «عنوا على البال»، وهو عنوان مقتبس من أغنية لفناننا بهذا الاسم من ألحانه وكلمات شيخ الشباب والرياضة عيسى بن راشد آل خليفة الذي تكفل أيضا بعلاجه خارج البحرين. هذا الكتاب الصغير في الحجم، الغزير في المعلومات دشنه مؤلفه في احتفالية لتكريم محمد علي عبدالله أقامتها جمعية تاريخ وآثار البحرين في ختام موسمها الثقافي السادس والخمسين في مايو عام 2010.
سوف نتخذ من هذا الكتاب مصدرا رئيسيا للحديث عن فناننا مع تطعيمه كلما لزم الأمر بمعلومات من مصادر أخرى.
مولده
كان ميلاده بمدينة المنامة عام 1948 لأب مثقف وعاشق للقراءة والتصوير والتدوين، كان يقيم في دبي ويعمل موظفا لدى المقيمية البريطانية هناك. هذا الحدث أسعد والده (علي عبدالله محمد) كثيرا لأنه جاء بعد انتظار طويل دام 12 سنة، وبمجرد وصول أخبار المولود الأول إليه وهو في دبي قرر أن يطلق عليه اسم محمد تيمنا باسم جده، علما بأن محمد كان أيضا اسما لجد والدته.
لا يتذكر فناننا أي شيء عن طفولته في حيهم السكني بالمنامة، لسبب بسيط هو أنه انتقل في سن الطفولة مع أمه إلى دبي للالتحاق بأبيه. وفي دبي، وعلى الرغم من صعوبة الحياة فيها في تلك الحقبة المبكرة، استطاع أن يتأقلم سريعا مع الأوضاع هناك، خصوصا أن والده كان من ذوي الحالة الاجتماعية الميسورة، وبالتالي كان يلبي كل رغباته واحتياجاته ويحيطه بالحب والحنان والرعاية.
اليتم
يقولون إن الأيام السعيدة قصيرة، وهذا ما حدث بالفعل مع فناننا. إذ لم يكد ينهي التاسعة من عمره، مدللا محبوبا إلا وتضطر أسرته للعودة إلى البحرين بسبب اشتداد المرض على والده الذي سرعان ما أسلم الروح. ويمكن القول إن رحيل والده مثّل أول متاعبه في مشوار الحياة. فقد شعر لأول مرة بحزن عميق يسري في فؤاده وذاق للمرة الأولى مرارة اليتم وفقدان حنان الأب، وفوق هذا كان عليه مواجهة تدهور الأحوال المالية لأسرته بغياب معيلها.
وهكذا نجد أن الرجل عاش العسر من بعد اليسر، فذاق مرارة الفقر والحاجة، الأمر الذي تغلب عليه مع والدته جزئيا بالانتقال للعيش في فريج الشيخ حمد بمدينة المحرق بدلا من المنامة. لكن دعونا قبل الحديث عن الأثر الفني الذي تركه هذا الفريج عليه، نتحدث بشيء من الإيجاز عن مسيرة فناننا الدراسية طبقا لما ورد في الصفحتين 14 و15 من كتاب «عنوا على البال».
رأس رمان و«بابكو»
التحق محمد علي عبدالله في بداية حياته بـ«مدرسة رأس رمان الابتدائية» التي واصل فيها دراسته حتى الصف السادس، ولم يكمل تعليمه بسبب ظروفه العائلية الصعبة وحاجته لدخل ينفق منه على نفسه ووالدته. لذا التحق بالعمل لدى شركة نفط البحرين (بابكو) التي قامت بتدريبه وتدريسه ومنحه مبلغ 60 روبية كراتب شهري. استمر صاحبنا يعمل ميكانيكيا لدى بابكو لمدة خمس سنوات تحت الرقم الوظيفي 35350، ثم ترك العمل وظل عاطلا لمدة سنتين انتهت بالتحاقه للعمل في قسم الهندسة بميناء سلمان الذي بقي يعمل فيه لمدة تسع سنوات متواصلة تمكن من خلالها من الحصول على ترقيات وظيفية إلى ان وصل إلى منصب نائب رئيس قسم الهندسة.
يقال إن انتقاله مع والدته إلى المحرق وسكنهما في فريج الشيخ حمد، كان له دور محوري في تكوينه الفني والموسيقي. وهذا ليس بغريب لأن هذا الحي كان مقرا لبعض الفرق الغنائية النسائية الخاصة بإحياء الأفراح، ومسكنا لبعض المطربين الشعبيين المعروفين وعدد من الشباب من هواة الطرب، ناهيك عن احتوائه على المقاهي ودور الطرب الشعبية من تلك التي كان تنطلق منها أصوات محمد بن فارس وضاحي بن وليد وغيرهما لساعات طويلة كل نهار. وبعبارة أخرى صار صاحبنا يسمع دندنات العود وقرع الطبول ودق الدفوف وضرب المراويس بصورة يومية. فساهم هذا، إلى جانب استماعه المتكرر إلى جهاز مذياع ضخم كان في منزله وعضويته في «نادي شط العرب» الثقافي والفني، في تعلقه بالغناء والموسيقى، وحفظه للأغاني الشعبية البحرينية واليمنية والمصرية واللبنانية (خاصة أغنية «أراك طروبا والها كالمتيم» للفنان اليمني محمد مرشد ناجي، وأغنية «صدفة التقينا» للمطرب العدني أحمد قاسم، إضافة إلى أغاني الفنان المصري كارم محمود، وأيضا الأغاني الهندية التي كان يسمعها ويراها مصورة من خلال أفلام السينما (أكد في لقاء مرئي أجراه معه يحيى الذوادي في 21 ديسمبر 2015 أنه تأثر كثيرا بالموسيقى الهندية مثل زميله ارحمة الذوادي كنتيجة لمتابعتهما للأفلام الغنائية الراقصة الهندية وحبهم لأغاني مطربين هنود مثل ديليب كومار وموغيش ومحمد رفيع، بل اعترف أنه غنى بالهندية في بعض الأفراح، وكان مبهورا بآلة الأورغ الهندية).
ندوة البحرين الموسيقية
كل هذا خلق لدى فناننا رغبة عارمة لتعلم الموسيقى وممارستها عزفا، فشارك مجموعة من شباب زمنه من أمثال ماجد عون وبدر السيد ومحمد المناعي وعلي المالكي في الانضمام في عام 1957 إلى فرقة موسيقية كانت تحمل اسم (فرقة ندوة البحرين الموسيقية) ويقودها مؤسسها المطرب الراحل عبدالواحد عبدالله الذي اشتهر بأغنية (آه يا زماني زماني).
والحقيقة التي يعرفها الجميع أن محمد علي عبدالله لم يبدأ مشواره الفني كمطرب وإنما بدأها كعازف على آلة الأوكارديون التي لم تكن وقتها ضمن آلات الفرق الموسيقية البحرينية والخليجية، لكن فناننا كان معجبا بها منذ أن رآها في الأفلام الهندية القديمة فقام عبدالواحد عبدالله بشراء واحدة له من محلات أحمد جمال في سوق المنامة المسقف، فتعلم العزف عليها بمجهوده الفردي ودون توجيه من أحد حتى صار أول بحريني يعزفها بمهارة.
والمعروف أيضا أن عبدالواحد عبدالله كان يدير فرقته بصرامة شديدة؛ بمعنى أنه كان يحتكر الغناء لنفسه ولا يسمح لأعضاء الفرقة الآخرين إلا بالعزف فقط. وربما لهذا السبب لم يجد فناننا أمامه سوى تعلم العزف على الآلات الموسيقية المختلفة. فمن الأوكارديون إلى الغيتار فالأورغ فالكمان فالإيقاع وأخيرا آلة العود التي تعلمها مع صديقه المطرب الراحل ماجد عون صاحب أغنية (يا شاطيء اليابور)، على يد الفنان علي المالكي الذي كان يعلمهما خلسة خوفا من صاحب الفرقة.
ويُعتقد أن ما ذكرناه عن صرامة المطرب عبدالواحد عبدالله، جعل فناننا وزميله ماجد عون ينفصلان عنه في عام 1959 من أجل الانضمام إلى (فرقة أسرة هواة الفن) التي كانت تضم في تلك الفترة أسماء غنائية لامعة مثل يوسف هادي وحمد الدوخي وأحمد ياسين ويوسف مشائي ونجم عبدالله وغيرهم، وكانت تقيم العديد من الأنشطة والحفلات الغنائية داخل البحرين وفي الأقطار المجاورة.
«كم سنة وشهور».. جواز مروره إلى «النجومية»
بدأ صاحبنا يشعر برغبة دفينة في الغناء، تلك الرغبة التي بدأت بالدندنة بينه وبين نفسه، ثم تطورت إلى الغناء أمام بعض أصدقائه المقربين، فالغناء أثناء الرحلات الترفيهية إلى مناطق البحرين المختلفة مع شباب الحي الذي كان يسكن فيه -خصوصا رحلات يوم الجمعة إلى (عين عبدان) في جزيرة سترة-.
يقول فناننا في الحوار المرئي، الذي سبق الإشارة إليه، إنه وزملاءه تمكنوا من توفير جهاز تسجيل بهدف اختبار أصواتهم في الغناء، مضيفا أنهم سجلوا بأصواتهم أغاني لمطربين آخرين، وأن البداية كانت مع ماجد عون، ثم تبعه هو فاستحسن «الربع صوتي وقالوا إنه جميل ولا بد أن أطرق باب الغناء» وألا أكتفي بالعزف. وهكذا اختمرت الفكرة في رأس فناننا وبدأ يتخيل نفسه واقفا على المسرح وهو يشدو من خلال المايكروفون بأعذب الكلمات والألحان فيما الجماهير تصفق له إعجابا.
صادف في هذه الفترة استضافة «فرقة أسرة هواة الفن» للمطرب اليمني محمد السقاف (صاحب أغنية لا بكى ينفع ولا شكوى تفيد) في حفل غنائي ساهر، فاقترح السقاف، الذي كان مسرورا بإعجاب محمد علي عبدالله بفنه وملازمته له وإصراره على التعلم منه، أن يشاركه الأخير في الحفل بأداء أغنية، فغنى صاحبنا أغنيته الأولى، وكانت بعنوان «ألا يا ريت» من ألحانه وكلمات عبدالحميد أسد. وقد لقيت هذه الأغنية ترحيبا كبيرا من قبل الجمهور البحريني والخليجي، بدليل أن صاحبها قفز فجأة إلى مصاف نجوم الطرب الكبار، الأمر الذي عزاه أغلب المراقبين والنقاد إلى صوت فناننا المميز الذي قال عنه الأستاذ يوسف محمد في كتاب «عنوا على البال» إن سر صوته يكمن في كمية الشجن والحزن الموجودة فيه.
نحن الآن في مطلع الستينات، حيث الكويت استقلت وبدأت تخطو بثبات نحو تقديم نفسها على الساحة الخليجية كرائدة في الثقافة والفنون والآداب والعلوم، وكقبلة للباحثين عن الشهرة الفنية، خصوصا مع افتتاح معاهد الموسيقى والتمثيل المسرحي وتأسيس فرقة إذاعة الكويت الموسيقية. والحقيقة أن الوصول إلى إذاعة الكويت والتسجيل مع فرقتها الموسيقية كانا في هذه الحقبة حلما من الأحلام عند الكثيرين، ومنهم محمد علي عبدالله الذي فشل في الدخول إلى الإذاعة الكويتية مرتين (لأنه كان اسما جديدا، ثم لأنه جاء دون إخطار مسبق)، قبل أن ينجح في المرة الثالثة بفضل وساطة قام بها مواطناه الملحن عيسى جاسم والمطرب الكويتي ذو الأصول البحرينية يحيي أحمد لدى لجنة اختيار النصوص والمسؤولين عن الفرقة الموسيقية
سجل فناننا للإذاعة الكويتية وقتذاك أغنيتين هما: «كم سنة وشهور» من ألحانه وكلمات سليمان المضف، و«الحبيب اللي هويته» من الحان عيسى جاسم وكلمات سليمان المضف أيضا. والحقيقة أن الأغنية الأولى هي التي كانت بمثابة جواز مروره نحو النجومية والشهرة، ومثلت نقطة تحول جوهرية في مسيرته، فجعلته رائدا من رواد الأغنية البحرينية الحديثة جنبا إلى جنب مع زميليه إبراهيم حبيب وأحمد الجميري.
في أعقاب النجاح الذي تحقق له من وراء هذه الأغنية ذات الكلمات الحزينة والألحان الشجية، قرر فناننا السفر إلى القاهرة، عاصمة الفن والنجومية، من أجل صقل موهبته بالدراسة الأكاديمية، إلا أن أمرين وقفا حائلا في طريقه؛ هما مدة الدراسة الطويلة الممتدة إلى سبع سنوات من جهة، والتكاليف المالية الكبيرة لهذه الفترة من جهة أخرى. وعليه حوّل مساره باتجاه معهد الإذاعة والتلفزيون كي يغدو مخرجا. وبالفعل أنهى دراسته في الإخراج وتخرج من المعهد المصري المذكور في عام 1974. وحينما عاد إلى البحرين في تلك السنة انضم إلى إدارة الثقافة والفنون بوزارة الإعلام البحرينية، ليعمل بها السنوات الخمس التالية بمسمى مخرج. وبحلول مطلع الثمانينات كان محمد علي عبدالله قد ترك وظيفته الحكومية واتجه إلى الأعمال الحرة بدءا بافتتاح «سوبر ماركت»، وانتهاء بتأسيس شركة للعلاقات العامة والأيدي العاملة. غير أن الرجل سرعان ما فطن إلى حقيقة أنه لم يخلق للتجارة أو أي شيء آخر غير الفن، فهجر الأعمال الحرة التي لم يوفق فيها، وكان بصدد العودة مجددا إلى عشه الدافئ لولا تربص المرض اللعين به وهو في زيارة إلى الكويت في عام 2002 كما أسلفنا.
47 أغنية عاطفية صاغها بـ«ترانيمه»
في سنوات ما قبل مرضه كان محمد علي عبدالله شعلة من النشاط لجهة مشاركته في الحفلات الغنائية السنوية التي كانت أندية البحرين الطلابية تقيمها في القاهرة والكويت ولندن والولايات المتحدة. كما كانت له مشاركات أخرى في حفلات الأعياد الوطنية في البحرين والإمارات وفي الحفلات الخاصة في قطر والمملكة العربية السعودية، وحفلات عيد الفطر وحفلات الجالية الهندية بالبحرين
وإذا ما تطرقنا إلى حصيلته الفنية نجد أنه قدم خلال مسيرته ما مجموعه 47 أغنية عاطفية، بالإضافة إلى تسع أغانٍ من الأغاني الوطنية وأغاني المناسبات، وابتهال واحد بعنوان «كلما نادى المنادي» من كلمات عبدالمجيد معارج وألحان الفنان أحمد سيف.
ولئن كان الجل الأعظم من أغانيه هو من ألحانه (36 أغنية) ومن كلمات الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة (13 أغنية)، فإن محمد علي عبدالله غنى أيضا من ألحان مجموعة من زملائه الملحنين البحرينيين والخليجيين مثل: يوسف المهنا، عيسى جاسم، عبدالرزاق العدساني، غنام الديكان، سعود الراشد، جمعان زيد، خالد الزايد، إبراهيم عبدالكريم، حسن عراد، أحمد سيف.
وعلى المنوال نفسه غنى من كلمات شعراء آخرين غير الشيخ عيسى بن راشد مثل: إبراهيم عبدالعال، خالد العياف، سليمان مضف، حسن كمال، يوسف ناصر، مبارك الحديبي عيسى السيد، الشيخ صقر القاسمي، مطر عبدالله، محمد عواد، هاشم العلوي، لطفي جعفر أمان، عبدالرحمن رفيع، عبدالأمير عيسى، د. راشد نجم، إبراهيم الانصاري، عبدالحميد أسد.
وإذا كانت أغنية «كم سنة وشهور»التي سبق التطرق إليها هي التي خلقت منه نجما واسما معروفا على ساحة الطرب الحديث في الخليج، فإن الأغنية الأخرى التي خلدته في النفوس هي «إشقد أنا ولهان» التي صاغها الشيخ عيسى بن راشد بدرر كلماته، ثم سكب فيها فناننا كل إبداعاته الموسيقية، فجاءت كلوحة فنية تتداخل فيها المشاهد وتمتزج فيها التعبيرات والأحاسيس العاطفية المتدفقة لعاشق متلهف على لقاء معشوقته.
والجدير بالذكر أن إذاعة الكويت كانت الإذاعة الخليجية الوحيدة التي أوقفت ومنعت إذاعة هذه الأغنية بعد فترة قصيرة من بثها، بدعوى أن كلمات المقطع الأخير منها تتضمن أمورا معيبة وخادشة للحياء، وهو ما أجمع النقاد على بطلانه والرد عليه، قائلين أن قرار المنع جاء ضمن صراعات سياسية ما بين تيارين كان كل منهما يحاول توجيه دفة الإعلام الكويتي المسموع نحو الوجهة التي تخدم أجندته.
* أستاذ العلاقات الدولية - مملكة البحرين
هذه باختصار العناوين الرئيسية لمسيرة واحد من أعمدة الغناء الحديث في البحرين، ألا وهو الفنان الإنسان محمد علي عبدالله الذي يعاني اليوم من تفاقم متاعبه الصحية التي بدأت عام 2002 بتصلب في شرايين القلب ثم جلطة في الدماغ، فشلل في الجزء الأيسر من الجسم. وعلى الرغم من تكفل الدولة بعلاجه على نفقتها في ألمانيا وجمهورية التشيك ومصر والأردن والهند وتايلاند، إلا أن حالة فناننا غير مستقرة وتزداد سوءا، ولا يخفف آلامه سوى محبة الناس له وتواصلهم معه، إضافة إلى وقوف زوجته ورفيقة دربه ابنة خالته السيدة عائشة بصبر وإيمان وإخلاص إلى جانبه، كعادتها في دعمه في كل منعطفات حياتهما منذ أن تزوجا في 17 يناير 1971.
الكثيرون كتبوا المقالات عن فناننا القدير أو أجروا الأحاديث المصورة معه في سنوات مجده وصعوده، غير أن الصديق الأستاذ يوسف محمد هو أول من أعد كتابا مصورا شاملا عن حياته ومسيرته ورحلاته العلاجية ومجمل أعماله الطربية تحت عنوان موفق هو «عنوا على البال»، وهو عنوان مقتبس من أغنية لفناننا بهذا الاسم من ألحانه وكلمات شيخ الشباب والرياضة عيسى بن راشد آل خليفة الذي تكفل أيضا بعلاجه خارج البحرين. هذا الكتاب الصغير في الحجم، الغزير في المعلومات دشنه مؤلفه في احتفالية لتكريم محمد علي عبدالله أقامتها جمعية تاريخ وآثار البحرين في ختام موسمها الثقافي السادس والخمسين في مايو عام 2010.
سوف نتخذ من هذا الكتاب مصدرا رئيسيا للحديث عن فناننا مع تطعيمه كلما لزم الأمر بمعلومات من مصادر أخرى.
مولده
كان ميلاده بمدينة المنامة عام 1948 لأب مثقف وعاشق للقراءة والتصوير والتدوين، كان يقيم في دبي ويعمل موظفا لدى المقيمية البريطانية هناك. هذا الحدث أسعد والده (علي عبدالله محمد) كثيرا لأنه جاء بعد انتظار طويل دام 12 سنة، وبمجرد وصول أخبار المولود الأول إليه وهو في دبي قرر أن يطلق عليه اسم محمد تيمنا باسم جده، علما بأن محمد كان أيضا اسما لجد والدته.
لا يتذكر فناننا أي شيء عن طفولته في حيهم السكني بالمنامة، لسبب بسيط هو أنه انتقل في سن الطفولة مع أمه إلى دبي للالتحاق بأبيه. وفي دبي، وعلى الرغم من صعوبة الحياة فيها في تلك الحقبة المبكرة، استطاع أن يتأقلم سريعا مع الأوضاع هناك، خصوصا أن والده كان من ذوي الحالة الاجتماعية الميسورة، وبالتالي كان يلبي كل رغباته واحتياجاته ويحيطه بالحب والحنان والرعاية.
اليتم
يقولون إن الأيام السعيدة قصيرة، وهذا ما حدث بالفعل مع فناننا. إذ لم يكد ينهي التاسعة من عمره، مدللا محبوبا إلا وتضطر أسرته للعودة إلى البحرين بسبب اشتداد المرض على والده الذي سرعان ما أسلم الروح. ويمكن القول إن رحيل والده مثّل أول متاعبه في مشوار الحياة. فقد شعر لأول مرة بحزن عميق يسري في فؤاده وذاق للمرة الأولى مرارة اليتم وفقدان حنان الأب، وفوق هذا كان عليه مواجهة تدهور الأحوال المالية لأسرته بغياب معيلها.
وهكذا نجد أن الرجل عاش العسر من بعد اليسر، فذاق مرارة الفقر والحاجة، الأمر الذي تغلب عليه مع والدته جزئيا بالانتقال للعيش في فريج الشيخ حمد بمدينة المحرق بدلا من المنامة. لكن دعونا قبل الحديث عن الأثر الفني الذي تركه هذا الفريج عليه، نتحدث بشيء من الإيجاز عن مسيرة فناننا الدراسية طبقا لما ورد في الصفحتين 14 و15 من كتاب «عنوا على البال».
رأس رمان و«بابكو»
التحق محمد علي عبدالله في بداية حياته بـ«مدرسة رأس رمان الابتدائية» التي واصل فيها دراسته حتى الصف السادس، ولم يكمل تعليمه بسبب ظروفه العائلية الصعبة وحاجته لدخل ينفق منه على نفسه ووالدته. لذا التحق بالعمل لدى شركة نفط البحرين (بابكو) التي قامت بتدريبه وتدريسه ومنحه مبلغ 60 روبية كراتب شهري. استمر صاحبنا يعمل ميكانيكيا لدى بابكو لمدة خمس سنوات تحت الرقم الوظيفي 35350، ثم ترك العمل وظل عاطلا لمدة سنتين انتهت بالتحاقه للعمل في قسم الهندسة بميناء سلمان الذي بقي يعمل فيه لمدة تسع سنوات متواصلة تمكن من خلالها من الحصول على ترقيات وظيفية إلى ان وصل إلى منصب نائب رئيس قسم الهندسة.
يقال إن انتقاله مع والدته إلى المحرق وسكنهما في فريج الشيخ حمد، كان له دور محوري في تكوينه الفني والموسيقي. وهذا ليس بغريب لأن هذا الحي كان مقرا لبعض الفرق الغنائية النسائية الخاصة بإحياء الأفراح، ومسكنا لبعض المطربين الشعبيين المعروفين وعدد من الشباب من هواة الطرب، ناهيك عن احتوائه على المقاهي ودور الطرب الشعبية من تلك التي كان تنطلق منها أصوات محمد بن فارس وضاحي بن وليد وغيرهما لساعات طويلة كل نهار. وبعبارة أخرى صار صاحبنا يسمع دندنات العود وقرع الطبول ودق الدفوف وضرب المراويس بصورة يومية. فساهم هذا، إلى جانب استماعه المتكرر إلى جهاز مذياع ضخم كان في منزله وعضويته في «نادي شط العرب» الثقافي والفني، في تعلقه بالغناء والموسيقى، وحفظه للأغاني الشعبية البحرينية واليمنية والمصرية واللبنانية (خاصة أغنية «أراك طروبا والها كالمتيم» للفنان اليمني محمد مرشد ناجي، وأغنية «صدفة التقينا» للمطرب العدني أحمد قاسم، إضافة إلى أغاني الفنان المصري كارم محمود، وأيضا الأغاني الهندية التي كان يسمعها ويراها مصورة من خلال أفلام السينما (أكد في لقاء مرئي أجراه معه يحيى الذوادي في 21 ديسمبر 2015 أنه تأثر كثيرا بالموسيقى الهندية مثل زميله ارحمة الذوادي كنتيجة لمتابعتهما للأفلام الغنائية الراقصة الهندية وحبهم لأغاني مطربين هنود مثل ديليب كومار وموغيش ومحمد رفيع، بل اعترف أنه غنى بالهندية في بعض الأفراح، وكان مبهورا بآلة الأورغ الهندية).
ندوة البحرين الموسيقية
كل هذا خلق لدى فناننا رغبة عارمة لتعلم الموسيقى وممارستها عزفا، فشارك مجموعة من شباب زمنه من أمثال ماجد عون وبدر السيد ومحمد المناعي وعلي المالكي في الانضمام في عام 1957 إلى فرقة موسيقية كانت تحمل اسم (فرقة ندوة البحرين الموسيقية) ويقودها مؤسسها المطرب الراحل عبدالواحد عبدالله الذي اشتهر بأغنية (آه يا زماني زماني).
والحقيقة التي يعرفها الجميع أن محمد علي عبدالله لم يبدأ مشواره الفني كمطرب وإنما بدأها كعازف على آلة الأوكارديون التي لم تكن وقتها ضمن آلات الفرق الموسيقية البحرينية والخليجية، لكن فناننا كان معجبا بها منذ أن رآها في الأفلام الهندية القديمة فقام عبدالواحد عبدالله بشراء واحدة له من محلات أحمد جمال في سوق المنامة المسقف، فتعلم العزف عليها بمجهوده الفردي ودون توجيه من أحد حتى صار أول بحريني يعزفها بمهارة.
والمعروف أيضا أن عبدالواحد عبدالله كان يدير فرقته بصرامة شديدة؛ بمعنى أنه كان يحتكر الغناء لنفسه ولا يسمح لأعضاء الفرقة الآخرين إلا بالعزف فقط. وربما لهذا السبب لم يجد فناننا أمامه سوى تعلم العزف على الآلات الموسيقية المختلفة. فمن الأوكارديون إلى الغيتار فالأورغ فالكمان فالإيقاع وأخيرا آلة العود التي تعلمها مع صديقه المطرب الراحل ماجد عون صاحب أغنية (يا شاطيء اليابور)، على يد الفنان علي المالكي الذي كان يعلمهما خلسة خوفا من صاحب الفرقة.
ويُعتقد أن ما ذكرناه عن صرامة المطرب عبدالواحد عبدالله، جعل فناننا وزميله ماجد عون ينفصلان عنه في عام 1959 من أجل الانضمام إلى (فرقة أسرة هواة الفن) التي كانت تضم في تلك الفترة أسماء غنائية لامعة مثل يوسف هادي وحمد الدوخي وأحمد ياسين ويوسف مشائي ونجم عبدالله وغيرهم، وكانت تقيم العديد من الأنشطة والحفلات الغنائية داخل البحرين وفي الأقطار المجاورة.
«كم سنة وشهور».. جواز مروره إلى «النجومية»
بدأ صاحبنا يشعر برغبة دفينة في الغناء، تلك الرغبة التي بدأت بالدندنة بينه وبين نفسه، ثم تطورت إلى الغناء أمام بعض أصدقائه المقربين، فالغناء أثناء الرحلات الترفيهية إلى مناطق البحرين المختلفة مع شباب الحي الذي كان يسكن فيه -خصوصا رحلات يوم الجمعة إلى (عين عبدان) في جزيرة سترة-.
يقول فناننا في الحوار المرئي، الذي سبق الإشارة إليه، إنه وزملاءه تمكنوا من توفير جهاز تسجيل بهدف اختبار أصواتهم في الغناء، مضيفا أنهم سجلوا بأصواتهم أغاني لمطربين آخرين، وأن البداية كانت مع ماجد عون، ثم تبعه هو فاستحسن «الربع صوتي وقالوا إنه جميل ولا بد أن أطرق باب الغناء» وألا أكتفي بالعزف. وهكذا اختمرت الفكرة في رأس فناننا وبدأ يتخيل نفسه واقفا على المسرح وهو يشدو من خلال المايكروفون بأعذب الكلمات والألحان فيما الجماهير تصفق له إعجابا.
صادف في هذه الفترة استضافة «فرقة أسرة هواة الفن» للمطرب اليمني محمد السقاف (صاحب أغنية لا بكى ينفع ولا شكوى تفيد) في حفل غنائي ساهر، فاقترح السقاف، الذي كان مسرورا بإعجاب محمد علي عبدالله بفنه وملازمته له وإصراره على التعلم منه، أن يشاركه الأخير في الحفل بأداء أغنية، فغنى صاحبنا أغنيته الأولى، وكانت بعنوان «ألا يا ريت» من ألحانه وكلمات عبدالحميد أسد. وقد لقيت هذه الأغنية ترحيبا كبيرا من قبل الجمهور البحريني والخليجي، بدليل أن صاحبها قفز فجأة إلى مصاف نجوم الطرب الكبار، الأمر الذي عزاه أغلب المراقبين والنقاد إلى صوت فناننا المميز الذي قال عنه الأستاذ يوسف محمد في كتاب «عنوا على البال» إن سر صوته يكمن في كمية الشجن والحزن الموجودة فيه.
نحن الآن في مطلع الستينات، حيث الكويت استقلت وبدأت تخطو بثبات نحو تقديم نفسها على الساحة الخليجية كرائدة في الثقافة والفنون والآداب والعلوم، وكقبلة للباحثين عن الشهرة الفنية، خصوصا مع افتتاح معاهد الموسيقى والتمثيل المسرحي وتأسيس فرقة إذاعة الكويت الموسيقية. والحقيقة أن الوصول إلى إذاعة الكويت والتسجيل مع فرقتها الموسيقية كانا في هذه الحقبة حلما من الأحلام عند الكثيرين، ومنهم محمد علي عبدالله الذي فشل في الدخول إلى الإذاعة الكويتية مرتين (لأنه كان اسما جديدا، ثم لأنه جاء دون إخطار مسبق)، قبل أن ينجح في المرة الثالثة بفضل وساطة قام بها مواطناه الملحن عيسى جاسم والمطرب الكويتي ذو الأصول البحرينية يحيي أحمد لدى لجنة اختيار النصوص والمسؤولين عن الفرقة الموسيقية
سجل فناننا للإذاعة الكويتية وقتذاك أغنيتين هما: «كم سنة وشهور» من ألحانه وكلمات سليمان المضف، و«الحبيب اللي هويته» من الحان عيسى جاسم وكلمات سليمان المضف أيضا. والحقيقة أن الأغنية الأولى هي التي كانت بمثابة جواز مروره نحو النجومية والشهرة، ومثلت نقطة تحول جوهرية في مسيرته، فجعلته رائدا من رواد الأغنية البحرينية الحديثة جنبا إلى جنب مع زميليه إبراهيم حبيب وأحمد الجميري.
في أعقاب النجاح الذي تحقق له من وراء هذه الأغنية ذات الكلمات الحزينة والألحان الشجية، قرر فناننا السفر إلى القاهرة، عاصمة الفن والنجومية، من أجل صقل موهبته بالدراسة الأكاديمية، إلا أن أمرين وقفا حائلا في طريقه؛ هما مدة الدراسة الطويلة الممتدة إلى سبع سنوات من جهة، والتكاليف المالية الكبيرة لهذه الفترة من جهة أخرى. وعليه حوّل مساره باتجاه معهد الإذاعة والتلفزيون كي يغدو مخرجا. وبالفعل أنهى دراسته في الإخراج وتخرج من المعهد المصري المذكور في عام 1974. وحينما عاد إلى البحرين في تلك السنة انضم إلى إدارة الثقافة والفنون بوزارة الإعلام البحرينية، ليعمل بها السنوات الخمس التالية بمسمى مخرج. وبحلول مطلع الثمانينات كان محمد علي عبدالله قد ترك وظيفته الحكومية واتجه إلى الأعمال الحرة بدءا بافتتاح «سوبر ماركت»، وانتهاء بتأسيس شركة للعلاقات العامة والأيدي العاملة. غير أن الرجل سرعان ما فطن إلى حقيقة أنه لم يخلق للتجارة أو أي شيء آخر غير الفن، فهجر الأعمال الحرة التي لم يوفق فيها، وكان بصدد العودة مجددا إلى عشه الدافئ لولا تربص المرض اللعين به وهو في زيارة إلى الكويت في عام 2002 كما أسلفنا.
47 أغنية عاطفية صاغها بـ«ترانيمه»
في سنوات ما قبل مرضه كان محمد علي عبدالله شعلة من النشاط لجهة مشاركته في الحفلات الغنائية السنوية التي كانت أندية البحرين الطلابية تقيمها في القاهرة والكويت ولندن والولايات المتحدة. كما كانت له مشاركات أخرى في حفلات الأعياد الوطنية في البحرين والإمارات وفي الحفلات الخاصة في قطر والمملكة العربية السعودية، وحفلات عيد الفطر وحفلات الجالية الهندية بالبحرين
وإذا ما تطرقنا إلى حصيلته الفنية نجد أنه قدم خلال مسيرته ما مجموعه 47 أغنية عاطفية، بالإضافة إلى تسع أغانٍ من الأغاني الوطنية وأغاني المناسبات، وابتهال واحد بعنوان «كلما نادى المنادي» من كلمات عبدالمجيد معارج وألحان الفنان أحمد سيف.
ولئن كان الجل الأعظم من أغانيه هو من ألحانه (36 أغنية) ومن كلمات الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة (13 أغنية)، فإن محمد علي عبدالله غنى أيضا من ألحان مجموعة من زملائه الملحنين البحرينيين والخليجيين مثل: يوسف المهنا، عيسى جاسم، عبدالرزاق العدساني، غنام الديكان، سعود الراشد، جمعان زيد، خالد الزايد، إبراهيم عبدالكريم، حسن عراد، أحمد سيف.
وعلى المنوال نفسه غنى من كلمات شعراء آخرين غير الشيخ عيسى بن راشد مثل: إبراهيم عبدالعال، خالد العياف، سليمان مضف، حسن كمال، يوسف ناصر، مبارك الحديبي عيسى السيد، الشيخ صقر القاسمي، مطر عبدالله، محمد عواد، هاشم العلوي، لطفي جعفر أمان، عبدالرحمن رفيع، عبدالأمير عيسى، د. راشد نجم، إبراهيم الانصاري، عبدالحميد أسد.
وإذا كانت أغنية «كم سنة وشهور»التي سبق التطرق إليها هي التي خلقت منه نجما واسما معروفا على ساحة الطرب الحديث في الخليج، فإن الأغنية الأخرى التي خلدته في النفوس هي «إشقد أنا ولهان» التي صاغها الشيخ عيسى بن راشد بدرر كلماته، ثم سكب فيها فناننا كل إبداعاته الموسيقية، فجاءت كلوحة فنية تتداخل فيها المشاهد وتمتزج فيها التعبيرات والأحاسيس العاطفية المتدفقة لعاشق متلهف على لقاء معشوقته.
والجدير بالذكر أن إذاعة الكويت كانت الإذاعة الخليجية الوحيدة التي أوقفت ومنعت إذاعة هذه الأغنية بعد فترة قصيرة من بثها، بدعوى أن كلمات المقطع الأخير منها تتضمن أمورا معيبة وخادشة للحياء، وهو ما أجمع النقاد على بطلانه والرد عليه، قائلين أن قرار المنع جاء ضمن صراعات سياسية ما بين تيارين كان كل منهما يحاول توجيه دفة الإعلام الكويتي المسموع نحو الوجهة التي تخدم أجندته.
* أستاذ العلاقات الدولية - مملكة البحرين